انضمام المملكة إلى اتفاقية التراث الثقافي غير المادي.. تعزيزٌ للهوية الوطنية

ألقى عضو مجلس الشورى وعضو لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب محمد رضا نصر الله مداخلة حول انضمام المملكة الى اتفاقية التراث الثقافي غير المادي، خلال جلسة مجلس الشورى، خاطب فيها رئيس مجلس الشورى والأعضاء قال فيها: 

قد يقول الكثيرون منا إن من تحصيل الحاصل أن توقع المملكة على هكذا اتفاقية.. تعمق انخراطها في المجتمع الدولي وهيئاته المتعددة، شأنها شأن اتفاقيات عديدة أخرى تضاف إلى إنجازات هائلة في الاتفاقيات التي تنوء بها رفوف وزارة الخارجية أو هيئة الخبراء. 

هذه الاتفاقية احسب أنها على درجة من الأهمية، بوصفها ذات صلة مباشرة بتعزيز الهوية الوطنية، في وقت تتعرض فيه بلادنا لتيارات عاصفة من التحولات الاجتماعية والمتغيرات الاقتصادية والصياغات الثقافية، بعد هيمنة خطاب العولمة وآلياتها المهددة لخصوصيات الشعوب، وتمايز حضاراتها، مما يجعل الحاجة الروحية ماسة نحو الاهتمام بالتراث الثقافي غير المادي على وجه الخصوص. 

ومنذ عام 1973م بادرت منظمة اليونسكو والمنظمة العالمية للملكية الفكرية إلى دعم المبادرات الساعية إلى صون التراث الثقافي غير المادي. وحماية كل أشكال التعبير الفلكلورية مما دفع بمؤتمر اليونسكو سنة 1989م إلى اعتماد توصية خاصة بشأن الثقافة الشعبية والتقليدية، وأضاف: وبسبب تزايد الاهتمام بحماية التراث الثقافي غير المادي، وجدنا شخصيات دولية مرموقة كالسيد خافيير دي كويار أمين عام منظمة الأمم المتحدة الأسبق تسند إليه رئاسة اللجنة العالمية للثقافة والتنمية في منظمة اليونسكو، حيث عمل على دفع هذه الاتفاقية إلى الوجود، ليتوالى تصديق الدول عليها سريعا بشكل لافت منذ إقرارها سنة 2003م بعدما تعرض التراث الثقافي غير المادي في أنحاء الكوكب الأرضي للانقراض والضياع وأحياناً للسرقة، كما فعلت إسرائيل بالتراث الشعبي الفلسطيني مستعيرة غصبا أشكال هذا التراث في المأكل (صحن الفلافل) والأزياء (مدرقه) والرقص (الدبكة) في نشاطها الثقافي المتكلف، الذي طالما عرضته إسرائيل في المعارض الدولية كإنتاج وطني يعبر عن خصوصيتها الموهومة المدعاة!! 

ومضى الأستاذ محمد نصر الله في مداخلة يقول: عندما أدعو إلى الموافقة على هذه الاتفاقية.. وهي تنص – كما أشار تقرير اللجنة – الى حماية أشكال التعبير الشعبي. فلأن المملكة وهي الغنية بتراثها الثقافي غير العادي، بدأ عديد منها في الاندثار خاصة على صعيد الحرف اليدوية والتعبيرات الفنية والأدبية الشعبية بسبب طغيان الثقافات الأجنبية، وتأثير الأنماط الاستهلاكية عليها وعلى فنون أخرى كالعمارة والتطريز والنسيج والأشكال الفلكلورية من أساطير وقصص شعبية وأشعار وإيقاعات ورقصات بدأت تتوارى عن الذاكرة الشعبية لأبناء البر والبحر والجبل في بلادنا الواسعة الأرجاء.. بل إن هناك مادة ضخمة من المأثورات الشعبية لم توثق.. ومنها كثير لا يزال مغموراً في الصدور أو مدفوناً تحت الرمال بمختلف تنوع لهجاتنا وثقافتنا وفنوننا الشعبية. 

وعلى الصعيد الإقليمي، فإنه من المؤسف انه في الوقت الذي نجد دولة كالبيرو تدعو إلى إنشاء المركز الإقليمي لصون التراث الثقافي غير المادي لشعوب دول أمريكا اللاتينية تحت رعاية منظمة اليونسكو، وكذلك ما تقوم به اليابان من تخصيص ودائعها لدى منظمة اليونسكو لصون التراث الثقافي غير العادي في منطقة آسيا والمحيط الهندي.. في هذا الوقت نجد وزراء ثقافة وإعلام دول مجلس التعاون الخليجي تنهي بقرار سريع مركز التراث الشعبي وذخائره في الدوحة، وتوقف مجلته الرائدة (المأثورات الشعبية) في وقت تتعرض دول المنطقة إلى هجمة عولمية شرسة، سوف تؤثر دون ما شك على ملامح تراث الجزيرة والخليج الثقافي غير المادي، ما لم يسارع المسؤولون الخليجيون بعد التوقيع على هذه الاتفاقية إلى إعادة هذا المركز إلى الحياة وتعزيز دوره في حماية ثقافات المنطقة الشعبية والتقليدية. 

لذلك – معالي الرئيس – الاخوة الأعضاء.. أنا سعيد على الصعيد الوطني بدعوة تقرير اللجنة إلى ضرورة قيام علاقة تعاونية بين وزارة الثقافة والإعلام والهيئة العليا للسياحة بهدف توثيق التراث الثقافي غير المادي في المملكة.. وبطبيعة الحال فإن هذا يستدعي القيام بدراسة مسحية لكل أشكال التعبيرات الفلكلورية كالحكايات والأحاجي والألغاز والأشعار والأغاني والرقصات الشعبية، وأنواع النسيج والتطريز والأعمال الحرفية والمصنوعات اليدوية. 

وأحسب أن الهيئة العامة للسياحة هي ذات اختصاص في هذا المجال نظراً لما للسياحة والتراث من علاقة تفاعلية على صعيد التوثيق والعرض والاستثمار، فالمادة التراثية تشكل عامل جذب للسائحين – خاصة الأجانب منهم – متمنياً على مجلسكم الموقر من خلال لجنة الثقافة العامة للسياحة، ان يعمل على تنمية ودعم الاهتمام بهذا القطاع وصياغة النظم واللوائح المنظمة لتوثيق وحماية التراث الثقافي المادي وغير المادي من العبث والاندثار، حفاظاً على هويتنا الوطنية والقومية.. هذا مع التنويه بما تقوم به جمعية اللهجات والتراث الشعبي بجامعة الملك سعود من جمع للتراث الشفوي ووضع أرشيف فلكلوري وتصميم أطلس لغوي للهجات المملكة وإصدار موسوعات للشعر والموسيقى والألعاب والأزياء والمآكل الشعبية.

أحدث التعليقات

الأرشيف

Newsletter
Ads
Comments
All comments.
Comments